
في تطوّر دراماتيكي أعاد لبنان إلى الواجهة الدولية، تمكّن
الجيش اللبناني قبل أيام من إحباط محاولة هروب سفينة محمّلة بالنفط الروسي من مرفأ ضبية بعدما حاولت قطع أجهزة التتبّع والإبحار خلسة خارج المياه الإقليمية.
السفينة، التي تحمل اسم HAWK III وترفع علم بنما، أُعيدت بالقوة بعد عملية معقّدة نفّذتها البحرية اللبنانية، انتهت باعتقال 22 شخصاً على متنها وإصابة ثلاثة عسكريين.لكن ما ظهر على سطح الماء لم يكن سوى رأس جبل الجليد.
فالتقارير والتحقيقات القضائية تكشف عن شبكة فساد منظّمة تعمل على تهريب النفط الروسي عبر موانئ وسيطة في تركيا ودول أخرى، مستخدمة أوراقاً مزوّرة لتغيير منشأ الشحنات وإدخالها إلى لبنان تحت غطاء مؤسسات رسمية مثل مؤسسة كهرباء لبنان.
الهدف كان مزدوجاً: تحقيق أرباح غير مشروعة بملايين الدولارات، والالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على موسكو، في ما يُعتبر مساهمة مباشرة في دعم وتمويل الحرب الروسية على أوكرانيا.
مصادر مطلعة تؤكد أن الشحنة الأخيرة قُدّمت على أنها تركية المنشأ، لكن الوثائق والفحوص المخبرية في عدة دول أظهرت مؤشرات واضحة على أنها من أصل روسي. وهو ما يعني أن لبنان تحوّل عملياً إلى محطة أساسية في شبكة دولية تُبيّض النفط المحظور وتعيد تسويقه في الأسواق العالمية.
خطورة القضية لا تقتصر على البعد المالي فقط، إذ تشير التحقيقات إلى أنّ هناك جهات سياسية وإدارية متورطة في تسهيل مرور هذه الصفقات، عبر غضّ النظر عن مستندات مزوّرة أو تبرير عمليات تفريغ مريبة بذريعة تلبية حاجات عاجلة للكهرباء.
هذا التواطؤ، سواء أكان بالصمت أو بالفعل، يضع لبنان أمام فضيحة بحجم دولي، وقد يعرّضه لمساءلة سياسية وأخلاقية وحتى لعقوبات إضافية.القضية التي فجّرتها عملية الجيش البحرية تفتح الباب على أسئلة كثيرة: من المستفيد الحقيقي من هذه الصفقات؟ من يغطّيها سياسياً؟ وكيف يتمكّن تجّار من تحويل بلد مأزوم اقتصادياً إلى معبر لتجارة ملوّثة بالعقوبات والحروب؟الجواب قد لا يظهر سريعاً، لكن المؤكد أنّ لبنان يقف اليوم أمام امتحان صعب: إما مواجهة مافيا النفط والفساد التي تمدّ أذرعها إلى روسيا وتركيا، وإما التورط في شبكة تمويل حرب دمّرت أوكرانيا وتضع العالم على حافة مواجهة مفتوحة