
كتب (محمد البابا)
وصل إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الإمارات العربية المتحدة في زيارة “ببرنامج إنساني كبير”، قبل اجتماع متوقع بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتن.
وقال زيلينسكي على تليجرام “زيارة رسمية مع السيدة الأولى إلى الإمارات العربية المتحدة”.
وأضاف “الأولوية هي إعادة المزيد من شعبنا إلى الوطن من الأسر. بالإضافة إلى الاستثمار والشراكة الاقتصادية. اضافة الى برنامج إنساني كبير”.
وكان زيلينسكي قد قال سابقاً إنه يخطط لزيارة الامارات وكذلك تركيا والمملكة العربية السعودية خلال الأيام المقبلة. لكنه قال يوم الجمعة إنه ليس لديه خطط للقاء مسؤولين روس أو أمريكيين هناك.
ترامب سيلتقي بوتن “قريبًا جدًا”
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد إنه قد يلتقي “قريبًا جدًا” مع فلاديمير بوتن، مضيفًا أنه يعتقد أن نظيره الروسي يريد حقًا وقف القتال في أوكرانيا.
وقال ترامب للصحفيين بعد ساعات من سعي وزير الخارجية ماركو روبيو للتخفيف من التوقعات بشأن المحادثات رفيعة المستوى المقبلة في الرياض لإنهاء الحرب “لم يتم تحديد وقت، ولكن قد يكون ذلك قريباً جداً”.
ومع وصول روبيو مع وفد أمريكي رفيع المستوى في المناقشات مع المسؤولين الروس الى عاصمة المملكة العربية السعودية امس، كانت موجة من الدبلوماسية تجري مع اقتراب حرب أوكرانيا الوحشية من ذكراها الثالثة.
وقال ترامب، في حديثه للصحفيين بعد رحلة على متن طائرة الرئاسة، إن فريقه كان يتحدث “طويلاً وبجد” مع المسؤولين الروس، بما في ذلك مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي قال الرئيس إنه التقى بوتن لمدة ثلاث ساعات تقريبا مؤخرا.
وقال ترامب عن بوتن “أعتقد أنه يريد وقف القتال”.
وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن بوتن يريد الاستيلاء على كامل أوكرانيا، قال ترامب: “كان هذا سؤالي له.
وأضاف ترامب “إذا كان سيستمر … فإن ذلك كان سيسبب لي مشكلة كبيرة”.
“أعتقد أنه يريد إنهاء الأمر، وهم يريدون إنهاء الأمر بسرعة. وقال “كلاهما”، مضيفًا “زيلينسكي يريد إنهاء الأمر أيضًا”.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأحد إنه يعتقد أن روسيا تستعد “لشن حرب” ضد حلف شمال الأطلسي الضعيف إذا خفف ترامب من دعم الولايات المتحدة للتحالف.
بدا أن ترامب رفض تصريحات زيلينسكي، حيث قال للصحفيين إنه “ليس قلقًا ولو قليلاً” بشأن رسالة الزعيم الأوكراني.
بينما تستعد موسكو وواشنطن لقمة بين زعيميهما، تشعر أوروبا وكييف بالقلق من محاولتهما تسوية الحرب التي استمرت ثلاث سنوات في أوكرانيا بدونهما.
ولعبت الإمارات العربية المتحدة دورا وسيطًا مهمًا بين روسيا وأوكرانيا، حيث ساعدت في تبادل الأسرى وعودة الأطفال الأوكرانيين من روسيا، طوال سنوات الحرب.
جهود السلام الأوكرانية
تعتبر جهود السلام الأوكرانية موضوع معقد ومؤلم، وينطوي على العديد من الأبعاد السياسية والعسكرية والدبلوماسية. فمنذ بداية الحرب في عام 2014، وخاصة بعد الغزو الروسي في عام 2022، تسعى أوكرانيا إلى حلول دبلوماسية لوقف الأعمال العدائية وضمان الاستقرار في المنطقة.
كانت أوكرانيا تسعى دائمًا إلى التفاوض على وقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاقيات سلام، على الرغم من صعوبة هذه المفاوضات بسبب تعنت روسيا في بعض الأحيان ورفضها لبعض شروط أوكرانيا.
هناك محاولات مستمرة لإشراك المجتمع الدولي في هذه المفاوضات، مثل الأمم المتحدة والدول الأوروبية والولايات المتحدة، للتوسط في إيجاد حلول سلمية.
وجاء الاتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للضغط على السعودية لدعم مشاركة أوروبا في لقاء سلام بشأن أوكرانيا يشير إلى محاولة لتوسيع دائرة المشاركة في الحوار الدولي حول النزاع الأوكراني. فبعد أكثر من عامين من الحرب، أصبح البحث عن حلول دبلوماسية لوقف الحرب أمرًا بالغ الأهمية، والأطراف الدولية التي قد تسهم في هذا المسار تتزايد.
الأبعاد المحتملة لهذا الاتصال
في الآونة الأخيرة، اتخذت السعودية دورًا أكثر نشاطًا في قضايا الشرق الأوسط والعالم، بما في ذلك جهود الوساطة. على سبيل المثال، المملكة سعت إلى تقديم نفسها كوسيط محايد في النزاعات الإقليمية. هذه الخطوة قد تساعدها في أن تلعب دورًا أكبر في تسهيل المفاوضات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا كون السعودية شريكًا مهمًا في الاقتصاد والطاقة، قد يكون لها تأثير في دفع الأطراف الدولية المختلفة للتعاون بشكل أكبر.
من خلال هذا الاتصال، قد يسعى ماكرون إلى استخدام النفوذ السعودي في منطقة الشرق الأوسط لدفع السعوديين إلى دعم الجهود الأوروبية لمشاركة دولهم في حوار السلام.
فرنسا، باعتبارها جزءًا من الاتحاد الأوروبي، ربما ترغب في التأكيد على أن المنطقة الأوروبية يجب أن تكون جزءًا رئيسيًا في أي عملية سلام أو مفاوضات بشأن أوكرانيا. دعم السعودية لمشاركة أوروبا يمكن أن يساعد في تأكيد التعددية في الجهود الدبلوماسية ويمنح العملية مزيدًا من الشرعية الدولية.
تعزيز الجهود المتعددة الأطراف
ماكرون قد يحاول توسيع جهود السلام لتشمل مجموعة أكبر من الفاعلين الدوليين مثل المملكة العربية السعودية. وقد تسعى فرنسا إلى إشراك الدول الكبرى، بما في ذلك دول الخليج، في المسار الدبلوماسي لتحقيق حل شامل للصراع في أوكرانيا.
تضمين هذه الأطراف يمكن أن يساهم في ضمان أن أية اتفاقيات أو مفاوضات ستكون أكثر توازنًا، مع أخذ مصالح مختلف الأطراف بعين الاعتبار.
في سياق الحرب الأوكرانية، يعتبر التنسيق بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، الصين، والاتحاد الأوروبي أمرًا أساسيًا. التعاون مع السعودية يمكن أن يساعد في تعزيز التنسيق بين هذه الأطراف، خاصة إذا كانت المملكة تسعى إلى لعب دور دبلوماسي أكبر في القضايا العالمية.
المملكة العربية السعودية قد تكون حذرة في تدخلها في قضايا مثل الحرب في أوكرانيا، حيث أنها تحاول الحفاظ على موقف محايد في بعض القضايا الدولية. كما أن المصالح الروسية قد تؤثر على موقف الرياض في هذا السياق.
من خلال دعم ماكرون، قد تتمكن السعودية من تأكيد دورها كقوة دبلوماسية محورية في منطقة الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية، مما يعزز موقعها في المفاوضات المستقبلية.
في النهاية، اتصال ماكرون مع الأمير محمد بن سلمان يهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لتحقيق السلام في أوكرانيا، وجذب المزيد من الأطراف الفاعلة، بما في ذلك أوروبا والسعودية، للمشاركة في الحوار وإيجاد حل دبلوماسي يعيد الاستقرار إلى المنطقة.
الدعم الدولي المهم لأوكرانيا
تلعب أوكرانيا على تعزيز دعمها الدولي من خلال طلب المساعدة العسكرية والاقتصادية من حلفائها، مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. يساعدها هذا الدعم في مواصلة صراعها العسكري على أمل إيجاد حل سلمي طويل الأمد.
في الوقت نفسه، تتجه أوكرانيا إلى محكمة العدل الدولية وغيرها من الهيئات القضائية الدولية لمقاضاة روسيا بتهمة جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
الهدف الأساسي لأوكرانيا هو استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وأجزاء من دونباس. وتصر أوكرانيا على أن أي سلام يجب أن يشمل استعادة سيادتها على هذه الأراضي.
تسعى أوكرانيا إلى فرض المزيد من العقوبات على روسيا من خلال المجتمع الدولي، بهدف إضعاف قدرة روسيا على تمويل الحرب. وجزء من هذه الاستراتيجية هو التأثير على الاقتصاد الروسي وخلق ضغوط داخلية تدفع روسيا إلى التفاوض.
من خلال تعزيز دفاعاتها العسكرية، تسعى أوكرانيا إلى ردع روسيا عن توسيع الحرب. بالإضافة إلى ذلك، هناك محاولات للحد من الخسائر المدنية والعسكرية الأوكرانية من خلال استراتيجيات تهدف إلى زيادة الضغط على القوات الروسية.
في الداخل، تسعى أوكرانيا إلى الحفاظ على استقرار الحكومة والمجتمع على الرغم من الظروف الصعبة، والتمسك بموقفها الثابت في التعامل مع الأزمة الأوكرانية. إن تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة العدوان، وتعزيز الديمقراطية والشفافية والمشاركة السياسية يمكن أن يساهم أيضًا في تعزيز موقفها في المفاوضات.
حتى الآن، لا يزال الطريق إلى السلام بعيدًا بسبب تعقيد الوضع على الأرض ورفض بعض الأطراف قبول الحلول التي اقترحتها أوكرانيا، بالإضافة إلى التحديات التي تفرضها الحرب نفسها.
تناقض روسي
تظهر التطورات الأخيرة في السياسة الروسية تناقضًا واضحًا بين الدعوات إلى المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا والقرارات المتزامنة بزيادة حجم القوات المسلحة. في 16 سبتمبر 2024، أصدر الرئيس فلاديمير بوتن مرسومًا بزيادة حجم الجيش الروسي بمقدار 180 ألف جندي، ليصل الإجمالي إلى 1.5 مليون. جاء هذا القرار ردًا على ما وصفه الكرملين بـ “التهديدات” على الحدود الغربية لروسيا، مشيرًا إلى “وضع عدائي للغاية” في تلك المناطق.
في الوقت نفسه، تواجه روسيا تحديات كبيرة في تجنيد العدد المطلوب من الجنود. وتشير التقارير إلى أن الجيش الروسي يكافح من أجل تعويض الخسائر في أوكرانيا، حيث يتم تسجيل ما يقرب من 1000 ضحية يوميا. وقد أدى هذا الوضع إلى انتقادات محلية من المدونين المؤيدين للكرملين، الذين يشككون في استراتيجية الجيش ويعربون عن استيائهم من استخدام القوات الخاصة في مهام خطيرة.
بالإضافة إلى ذلك، اقترحت وزارة الدفاع الروسية تعديلات من شأنها أن تسمح بتجنيد الأفراد الذين يعانون من أمراض خطيرة ومشاكل عصبية، في محاولة لزيادة عدد المجندين. كما تسعى السلطات إلى تجنيد ما لا يقل عن 126 ألف جندي من فئات خاصة، بما في ذلك السجناء والأفراد الذين يواجهون صعوبات مالية أو قانونية، مع خطط لتعبئة ما لا يقل عن 280 ألف شخص بحلول عام 2025.
هذا التناقض بين الدعوات إلى المفاوضات وزيادة التعبئة العسكرية يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية لروسيا. من ناحية، تعلن موسكو استعدادها للحوار والتفاوض، ومن ناحية أخرى، تتخذ خطوات تصعيدية من خلال زيادة عدد القوات وتوسيع نطاق التجنيد، مما يعكس استراتيجية مزدوجة تهدف إلى تعزيز موقف روسيا التفاوضي من خلال إظهار القوة العسكرية.