
كتب محمد البابا
شهدت الأزمة الأوكرانية تطورات مهمة قد تفتح الطريق نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وبدأ مفاوضات جدية لانهاء حرب واح ضحيتها مئات الآلاف.بعد اللقاء العاصف بين زيلينسكي وترامب في البيت الابيض ، المشادة التاريخية بين الزعيم الأوكراني وحاكم البيت الابيض التي اطاحت بالدعم الاستراتيجي من الولايات المتحدة الأمريكية التي حصلت عليه أوكرانيا وكانت سبب رئيسي في صمودها من هجمات الدب الروسي.زيلينسكي وبعد الحراك الاوروبي الداعم له، اعاد حساباته مع ترامب، وقدم ما يغري الرئيس الأمريكي ليعود داعماً رئيساً لأوكرانيا، فأعلنت أوكرانيا موافقتها على هدنة لمدة 30 يومًا مع روسيا، وذلك بعد محادثات جرت بين الجانبين في جدة.
واستؤنفت محادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا في جدة، برعاية أمريكية، بعد اتصال مطوّل بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. خلال هذه المحادثات، تم التوصل إلى اتفاق لوقف فوري لاستهداف منشآت الطاقة والبنية التحتية في كل من أوكرانيا وروسيا، وهو ما رحب به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، واعتبره خطوة مهمة لتعزيز الثقة وتخفيف التوتر، لكن لم يتم الإلتزام به فعلياً بعد استهداف روسيا لبنى تحتية مدنية أوكرانيا تزامناً مع الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين.
مع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه تنفيذ هذا الاتفاق، حيث أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدم تنازلات قليلة بشأن الأزمة الأوكرانية وتعتبر غير كافية لانهاء الصراع خاصة مع تسريب الكرملين لشروط لا تزال تعتبر تعجيزية وغير كافية ، رغم إشادة بعض الأطراف بالاتفاق. كما أن هناك تساؤلات حول قبول روسيا للاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار، خاصة فيما يتعلق بتقليص نفوذ حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا الشرقية ومنح موسكو نفوذًا أكبر في القرارات الأمنية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صعوبات في تحقيق وقف إطلاق النار في أوكرانيا، نظرًا لتعقيدات الصراع والتوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وأوروبا، كما ان التهديد الروسي لأوروبا لا يزال قائمت خاصة بعد تأكيد الدعم العسكري لأوكرانيا واستكمال ارسال الاسلحة مع اعلان زيلينسكي عن استلام أوكرانيا لمقاتلات اف ١٦ جديدة.
يُعتبر الاتفاق الأخير خطوة إيجابية نحو إنهاء الصراع في أوكرانيا، لكنه يتطلب جهودًا دبلوماسية مستمرة وتعاونًا دوليًا لضمان تنفيذه بشكل فعّال وتحقيق سلام دائم في بين الجارتين حيث يجب على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ان يقدم شيئا لروسيا في إطار المفاوضات لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وبناءً على التوجهات السياسية والمصالح الاستراتيجية لكل طرف.
ماذا يمكن ان تشمل الاقتراحات والتقديمات الأمريكية المحتملة لاغراء روسيا والتي ينتظرها بوتين:
- تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا وتطلب روسيا من ترامب وقف أو تأخير شحنات الأسلحة المتقدمة إلى أوكرانيا، مثل أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ البعيدة المدى، كجزء من صفقة أوسع لوقف إطلاق النار، اضافة الى ذلك فرض قيود على استخدام الأسلحة الأمريكية ضد الأراضي الروسية، مما يمنح موسكو إحساسًا أكبر بالأمن.
- تخفيف العقوبات الاقتصادية حيث يمكن أن تعرض الولايات المتحدة تخفيف بعض العقوبات المفروضة على روسيا، خاصة المتعلقة بصناعات النفط والغاز أو القطاع المالي، مقابل التزام روسيا بوقف القتال، ايضا قد يشمل ذلك السماح لبعض البنوك الروسية بإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي (مثل SWIFT) أو تخفيف القيود على تجارة الطاقة الروسية مع أوروبا.
- التفاوض حول وضع أوكرانيا في الناتو تطلب روسيا ان يتعهد ترامب بعدم السماح بانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) في المستقبل القريب، وهو ما تعتبره موسكو أحد أكبر دوافعها للحرب، ايضا هناك اقتراح ان يقوم ترامب بالضغط على كييف لقبول حياد رسمي يشبه وضع النمسا خلال الحرب الباردة.
- الاعتراف بالأراضي التي تحتلها روسيا رغم اعتباره من المحرمات الأوكرانية تضغط روسيا على ترامب لدفعه إلى الاعتراف الروسي بالسيطرة على أجزاء من دونباس وشبه جزيرة القرم، إما بشكل صريح أو من خلال القبول الضمني بالأمر الواقع لكي يضغط على أوكرانيا للموافقة على تسوية تمنح تلك المناطق حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيطرة موسكو.
- إعادة فتح الحوار حول الأمن الأوروبي تعتبر من المطالب الروسبة الرئيسية لترامب منراحل الدخول في مفاوضات جديدة بشأن الأمن الأوروبي، مثل تحديد نشر القوات والأسلحة النووية في أوروبا الشرقية، ويمكن اقتراح اتفاقيات جديدة تقيد نشر الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى على غرار معاهدة القوى النووية المتوسطة (INF) التي انسحبت منها واشنطن سابقًا.
الرئيس الأمريكي قد يسعى إلى تخفيف التوترات بين روسيا وأوروبا عبر الحد من التنسيق بين واشنطن والاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات والملف الأوكراني ضرباته المفاجأة لحلفائه والتي تهدد مستقبل شمال الأطلسي ما دفع بالدول الأوروبية بالتفكير تلحدي في وضع القارة الأمني وتشكيل قوة أوروبية مستقلة عن الناتو نواتها الحيش الأوكراني، لكن تنفيذ الشروط الروسية وفرض مطالبها كأمر واقع، قد يلغي او يحمد التزامات الولايات المتحدة تجاه دعم الحلفاء الشرقيين في الناتو، الأمر الذي سيمنح موسكو مساحة استراتيجية أكبر.
ولكي يكون وقف إطلاق النار في أوكرانيا مقبولًا من قبل الولايات المتحدة والغرب، هناك مطالب و تنازلات أساسية ينتظر من روسيا تقديمها، منا:
اولاً الانسحاب من الأراضي الأوكرانية المحتلة، المعضلة الرئيسية للحرب حيث يطلب الغرب من روسيا الانسحاب من الأراضي التي احتلتها منذ بدء الغزو في فبراير 2022، خاصة في زابوريجيا وخيرسون ودونيتسك ولوغانسك، ولن يتم الاعتراف بها كأراضي روسيا .
في سيناريو أكثر تطرفًا، قد يُطلب من روسيا التفاوض على مستقبل شبه جزيرة القرم، إما بإعادتها لأوكرانيا أو منحها وضعًا دوليًا خاصًا.
ثانياً وقف الهجمات على البنية التحتية الأوكرانية حيث بطلب من روسيا وقف استهداف محطات الطاقة والمنشآت المدنية الأوكرانية كجزء اولي من أي اتفاق لوقف إطلاق النار، ويشمل ذلك السماح بعمليات إعادة الإعمار وعودة النازحين دون عرقلة أو تهديدات عسكرية.
ثالثاً إنهاء التجنيد الإجباري في المناطق الأوكرانية المحتلة، يُطالب بأن توقف روسيا عمليات التجنيد القسري للأوكرانيين في المناطق المحتلة وإعادتهم إلى أوكرانيا.
رابعاً إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الأوكرانيين تطلب أوكرانيا بشكل دائم إطلاق سراح أسرى الحرب الأوكرانيين، إضافة إلى المعتقلين السياسيين في الأراضي الأوكرانية المحتلة وعاد ١٩٧ اسير أوكراني من الاسر الاسبوع الماضي بعد عملية تبادل برعاية الامارات العربية المتحدة كانت من نتائج اتصال ترامب وبوتين.
خامساً الالتزام الروسب بعدم استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية كما يُطلب من روسيا تجديد التزامها بعدم استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، وربما الانضمام إلى اتفاقيات جديدة تحد من استخدامها أو نشرها في بيلاروسيا.
سادساً خروج القوات الروسية من محطة زابوريجيا النووية، اورانيا تريد أن توافق روسيا على الانسحاب من محطة زابوريجيا النووية وتسليم إدارتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان عدم استخدامها كأداة ضغط، رغم العرض بام يتم تسليمها إلى ادارة ترامب ليتم سحبها من السيطرة الروسية.
اخيرا التفاوض على وضع أوكرانيا الأمني حيث يُطلب من روسيا القبول بتفاهمات أمنية تضمن استقلال أوكرانيا، مثل الاعتراف بسيادتها الكاملة دون التدخل في قراراتها السياسية والعسكرية وقد يشمل ذلك وقف دعم روسيا للمتمردين في دونباس وإغلاق طرق إمدادهم.
التنازل عن الأراضي الأوكرانية المحتلة أو القبول بوضع أمني جديد لأوكرانيا سيكون صعبًا بالنسبة لموسكو، لكن الضغوط العسكرية والاقتصادية قد تدفعها للقبول ببعض هذه الشروط.
إن قبول هذه التنازلات يعتمد على التوازن بين المكاسب التي يمكن أن تحققها روسيا من الاتفاق، مقابل استمرار الحرب وتكاليفها السياسية والعسكرية.
تُصرّ أوكرانيا على مجموعة من الشروط الأساسية لقبول أي اتفاق سلام مع روسيا، تهدف إلى ضمان سيادتها ووحدة أراضيها وأمنها المستقبلي. أبرز هذه الشروط تشمل:
- استعادة السيطرة على الأراضي المحتلة وتطالب أوكرانيا بانسحاب القوات الروسية من جميع المناطق التي احتلتها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ومناطق دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون.
- ضمانات أمنية دولية فعّالة لأن كييف تسعى للحصول على ضمانات أمنية ملموسة من المجتمع الدولي لمنع أي اعتداءات مستقبلية، مع التأكيد على أن تكون هذه الضمانات مُفعّلة وقابلة للتنفيذ، وليست مجرد وثائق قانونية.
- محاسبة المسؤولين عن الجرائم خلال النزاع فتُصر أوكرانيا على ضرورة محاسبة الأفراد والجهات المسؤولة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت خلال النزاع، لضمان تحقيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب.
- التأكيد على سيادة أوكرانيا ورفض الحياد القسري حيث ترفض أوكرانيا أي مطالب بفرض حيادها أو منعها من الانضمام إلى تحالفات دولية، مؤكدةً على حقها السيادي في تحديد سياساتها الخارجية والدفاعية.
هذه الشروط تعكس إصرار أوكرانيا على حماية سيادتها ووحدة أراضيها وضمان أمنها المستقبلي في مواجهة التهديدات.